ان المتغيرات السياسية و الاقتصادية المتسارعة في المنطقة و ما ينتج عنها من عدم استقرار و عدم يقين
تتطلب
التعامل مع المخاطر الجيوسياسية بجدية اكثر من اي وقت مضى
في مقالة نشرها معهد المدققين
الداخليين في بريطانيا عام 2015,تمت الإشارة الى ان دراسة حديثة بينت بان 70
بالمائة من المدراء التنفيذين المشمولين بالدراسة ينظرون الى التوترات السياسية في
العالم على انها تشكل خطرا على النمو الاقتصادي خلال فترة ال 12 شهرا التالية
للدراسة وذلك بزيادة مقدارها 27 بالمائة منذ نهاية عام 2013.
ان نظرة واحدة على قائمة اهم مخاطر 2016 التي تصدرها مجموعة يوراسيا المتخصصة بتحليل المخاطر السياسية العالمية كفيلة بطرد النوم من اعين المدققين الداخليين ولجان التدقيق في الشرق الأوسط! كما ان نظرة أخرى على قائمة المخاطر لنفس العام الواردة ادناه والصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي تبين أهم الاخطار الجيوسياسية على العالم:
بالمقابل فان تقرير معهد المدققين
الداخليين الصادر في أذار من عام 2015 تحت مسمى "نبض التدقيق الداخلي"
يشير الى ان 6 بالمائة فقط من الذين شملتهم الدراسة اعتبروا ان التطورات الجيوسياسية
بما فيها المقاطعة الاقتصادية لها تأثير هام على خطة التدقيق بينما قال 40 بالمئة بأنهم
لا يعيرون هذه التطورات اية أهمية! في الحقيقة فان هذه النتيجة مقلقة وقد اعتبرها
التقرير ناتجة عن عدم قدرة التدقيق الداخلي على "توصيل النقاط". وانا
اضيف الى ذلك عدم قدرة التدقيق الداخلي على استيعاب وفهم “الصورة الكبرى"
وعدم فهم مكونات الاخطار الاستراتيجية!
ربما لم تكن المخاطر الجيوسياسية أولوية على
اجندة وظائف التدقيق الداخلي في الشرق الاوسط في السنوات الماضية على الرغم من
تاريخ المنطقة الحافل بالأزمات، وذلك يعود الى ان التدقيق الداخلي في تلك المرحلة
كان يمر بعملية ولادة واثبات وجود بالإضافة الى جهوده المستمرة في تطوير نفسه.
ولما كان التدقيق الداخلي قد قطع شوطا طويلا في تحقيق هذه الأهداف فهو مهيئ الان
لان يقوم بدوره في فهم ومواجهة هذه المخاطر!
قبل القيام بأي دور على التدقيق
الداخلي:
1. ان يكون لديه الاطلاع الكافي على اهم التطورات
السياسية والاقتصادية في بلده وفي دول الجوار وان يقوم بمتابعتها عن كثب ومن أكثر
من مصدر واحد. على ان تكون هذه المصادر حيادية وذات مصداقية عالية وبعيدة عن
الاجندات السياسية والاقتصادية الضيقة والخاصة.
2. ان يكون لديه الفهم العميق
لتأثير المخاطر الجيوسياسية على المنشأة بشكل عام، وعلى مستوى العمليات
الفردية.
3. ان يلتزم الحياد التام
والموضوعية والاستقلالية في جمع وتحليل المعلومات وتقدير المخاطر بعيدا عن المعتقدات
السياسية الخاصة به. ان المدقق الداخلي ليس محللا سياسيا او اقتصاديا ولاحد يتوقع
منه القيام بهذا الدور!
دور التدقيق الداخلي
دور المدقق الداخلي بالنسبة
للمخاطر الجيوسياسية لا يختلف عن دوره في المخاطر الأخرى والتي يحكمها المعيار 2120, والتي
لا داعي لتكرارها هنا، الا من حيث ان طبيعة الاخطار الجيوسياسية تتطلب لباقة أكثر
في عرضها ومناقشتها ومراقبة أعمق لها في الدول المصنفة بانها عالية المخاطر نظرا لان
أثارها قد تكون كارثية على المنشأة. بشكل عام فان على التدقيق الداخلي ان يقوم بما
يلي:
1.القيام بتقييم شامل ومستقل
للمخاطر الجيوسياسية بالتعاون والتشاور مع الإدارة، لجنة التدقيق وإدارة المخاطر
بهدف تحديد المخاطر الأكثر أهمية ودمجها في خطة التدقيق. والقيام بتعديل الخطة
بناء على نتائج التقييم المستمر والمخاطر المستجدة. وهذا يتطلب ان يكون للتدقيق
الداخلي القدرة على القيام بالتنبؤ بالمخاطر التي قد تستجد مستقبلا.
2.التاكد من ان الادارة ولجنة
التدقيق على دراية تامة بهذه المخاطر واثارها وأنها تقوم باتخاذ الإجراءات
المناسبة للتعامل معها ومعالجتها في الوقت المناسب.
3.التاكد بان لجنة المخاطر تقوم
بعملها بكل كفاءة وفعلية وأنها تقوم بتقديم المعلومات المناسبة والضرورية للإدارة
بالوقت المناسب.
4.التاكد
من وجود خطط ملائمة "لاستمرارية العمل" و "التعافي من
الكوارث" ومدى مطابقتها لاحتياجات المنشأة. كما يجب التأكد من ان هذه الخطط
يتم تحديثها وتجربتها بشكل دوري.
5.التاكد من كفاية التامين لتغطية
الاثار الناجمة عن مخاطر الحروب، الاعمال العدائية، الكوارث البيئية والطبيعية،
هجرة المدنيين وانقطاع الدخل.
6.التاكد من قيام إدارة الموارد
البشرية بأجراء "فحص الخلفية" لكافة الموظفين قبل التوظيف والحصول على
الموافقات الأمنية اللازمة ومراقبة اية تصرفات تثير الشكوك والابلاغ عنها مباشرة
للإدارة.
7.التاكد من قيام المنشأة
بالامتثال للقوانين والتشريعات المتعلقة بغسل الاموال ومكافحة الإرهاب.
الخلاصة بان تقييم المخاطر الجيوسياسية ليس " ترفا فكريا" أو تعاطيا بالسياسة وانما هو جزء أساسي
من مهمه المدقق الداخلي الناجح الذي يضيف قيمة للمنشـأة التي منحته ثقتها ! ا